أقوال بمناسبة 6 كانون الأول

 

ــ 1 ــ

 * لا ينفع الإنسان شيئًا إذا ربح العالم وخسر نفسه، وهو، في كلّ حال، لا يربح إلاّ قبضة من طين.

* وهل يستطيع الإنسان أن يكون شيئًا سوى ذاته قبل أن يكون شيئًا آخر؟!

* النظام وحده حرف ميت؛ الإنسان هو الأساس وهو النهاية.

* أمّا الروح، فلا تهدأ ولا تزول، وهل يضمحّل الماء الفرات أو الأُجاج عندما تهدأ الأمواج وتهمد وتُمحى فوق سطح بحره؟! 

ــ 2 ــ

* الأديان والمعتقدات الروحية هي في جوهرها ممارسات تطهيرية وترفيعية تسهم في تنقية النفسية البشرية من آثار الأنانية التي تهيمن عادةً على الكينونة الفردية، والاجتماعية؛ للفئات والمؤسّسات.

* أولئك الذين أكملوا الطريق في ما بعد، وتركوا ظاهر الطقوس والشرائع وولجوا إلى حقيقتها، يدخلون في وهج الحقّ، يضيئون على الناس؛ لأنَّ نورهم لم يعد انعكاسًا، بل هو النور الذي تضيء به الذات ذاتها في نفوسهم.

* لو لم تكن السعادة والحقّ فيكم، فكيف يمكنكم أن تولدوا في ملكوت الحقّ والسعادة؟!

* المعتقدات إنّما هي الِقرَب الفخارية التي يتلمّس السواد البشري على وجهها، وفي أعماقها العاكسة، لمحة أو تشخّصًا أو تجلّيًا للقرص الذهبي، الذي لا يستطيعون، لضعف أبصارهم، وكثافة بصيرتهم، أن يتحوّلوا إليه ليبصروه مباشرة وجهًا لوجه.

ــ 3 ــ

*الاشتراكية المعنوية الفاضلة والعدالة الاجتماعية صنوان لا يفترقان.

* من لم يكن قد اتّصل، في أعماق أعماقه، بروح التطوّر الحيّ، بروح الحياة، بنور الوجود الذي تنزَّل فيه أو استشفّه، من خلال استطلاعه، فكيف يستطيع أن يحتضن في نفسه روح الثورة الحقيقية، روح النصر؟

* الحرّية معرفة، معرفة حقيقة هذا الوجود في الجملة، وفي التفصيل. والمعرفة هي أداة التطوّر وعامله المؤثِّر الأوَّل.

* إنَّ هذه الطاقة الهائلة في الإنسان: طاقة الحياة، طاقة خلق حياة جديدة، هي الأساس فينا، وليس الأساس هو فردتينا وجسدنا وشخصنا.

*قوى الجمع والاتصال والمحبّة والوحدة هي التي تنتصر في النهاية. وبانتصارها يتمّ الفرح.

 

ــ4 ــ

* إن التحدّث عن الثورية يغطي عجزنا عن القيام بواجب العمل الاجتماعي والسياسي المباشر، وعن الاضطلاع بطاقة العلم العقلانية الكاملة التي هي الأساس الحقيقي لكلّ تقدّم في العالم الحديث.

* من لا يعتمد على نفسه أوّلاً وآخرًا، ومن لا يضع العنعنات والخلافات والتحزّبات في إبان محنته جانبًا، ومن لم يقم بنفسه لدعم نفسه، فكيف يمكنه أن يرتجي معونة أي شعب وأيّة دولة؟! 

ــ 5 ــ

* الوجود موجود مع الوعي، ولا نشعر ونتحسّس الوجود ولا نعلم به لو لم يكن هناك وعي.

* أمام الوعي الأزلي تفقد الكلمة معناها...

* الوعي والحرّية شيء واحد.

* الوعي لا ينقص ولا يزيد، وإنّما مضمون الوعي هو الذي يتغيّر.

* وهل الحضارة شيء آخر سوى تفتّح حرّية عقل الإنسان وممارسة هذه الحرّية في نطاق المجتمعية والضميرية على أكمل صورها؟!

* الحياة هي اختزان لنور الشمس...

ــ 6 ــ

* المساواة ـ الأخوّة ـ الحرّية ــ كلّها مفاهيم ميتافيزيقية لا تتعلّق إلا بمستوًى أرفع من علاقة الإنسان بالمجتمع.

* الديمقراطية لا تعيش دون نخبة قيادية صالحة، والقاعدة الطائفية تشكّل حجر عثرة في سبيل الكفاءة.

* على الإنسان أن يكون حرًّا لأنه في طبيعته الأخيرة حرّ.

 

ــ 7 ــ

* الرجال الحقيقيّون العظام، الجامعون بين نشوة الروح وانفتاح الفكر، وقدرة الجسد، هم هذه الأسرجة المنيرة... جعل الله سراجنا المطوي في قدس طيَّات جوارحنا يستمرّ في إضاءة الطريق.

 

ــ 8 ــ

* إننا لم نأتِ إلى الحياة لكي نستهلك ونلهو ونشتري ونبيع، أو أن نعيش كالحيوان بغرائزنا وسطحية نزعاتنا الحيوانية وبساطة وظائف أجسادنا. وإنّما الحيوان ذاته، من خلال نداء التطوّر الغالب، ينزع فينا إلى أن يصبح إنسانًا؛ فهل نستطيع أبدًا أن نُسكت نداء الإنسانية فينا، ومطلبها منّا، وأن نقف في وجه صيرورتنا بشرًا سويًّا؟! هذا من منطق المحال.

 

ــ 9 ــ

* كلّ فيلسوف يعتقد أنه نبي، وكلّ مفكِّر يعتقد أنه رسول. هو مرض النبوة ومرض الرسالة. كلٌّ يريد أن يُصلح أحوال الجماعة وأحوال العالم، ولكنْ قليلٌ منهم مَنْ يفكِّر بإصلاح نفسه بادئ ذي بدء.

* الصلاة الحقيقية، صلاة الروح، هي صلة الأزل بالأزل، والقدرة بالقدرة، والنور بالنور، وعي الحياة للحياة، والوجود للوجود.

* إنَّ في الإنسان ازدواجية: نفس فردية تتغيّر من حال إلى حال، وتتألَّم وترضخ لشتّى القيود والنقائص والمحدوديّات، وجوهر أصيل، خالد ثابت وقائم بذاته، لا يدركه التغيّر والألم والزوال.

* من أصاب الهدف وحصل على الكلّ، وأنار في نفسه وهج الحقّ، لا يعود يتوقّف عند تعرّجات المسلك، ولا يلهيه لهب الشموع وبريق الجواهر الملقاة فوق الطريق.

ــ 10 ــ

* يجب إلاّ يغرب عن بالنا أولاد هذه الطبيعة، نحن نتاج التيَّار المرتفع الأخير في سلَّم تطوّر الطاقة المادّية النباتية الحيوانية.

* إنّما التطوّر هو كلّ ما يفيد ويزيد في تفتّح الإنسان إلى قيمه المعنوية الأخيرة... إلى غاية وجوده.

* إنَّ الحرّيات، إن لم يحدِّد ممارستها لونٌ من ألوان الانتظام العام، لا تلبث أن تخرج عن منطقها الحقوقي الطبيعي، وتضحي فوضى واستهتارًا، وعدوانًا، على حرّية وحقوق الآخرين.

* إذا كان قَدَر الإنسان هو في أفكاره وأعماله، فلماذا ترهب الإنسان نتائج هذا القدر، وهو يكون قد استحقّه وجلبه على نفسه؟!

 

ــ 11 ــ

* من التزم بالأعمال الصالحة وحقّق فريضة الواجب بفرح وتفاؤل، فارقة القلق ممّا هو مقبل عليه من أحداث الزمان.

*الحياة السياسية كلّها مسرحية... فمن لا يتقن فنون العرض والإخراج لا يصلح لمهنة السياسة.

* على القائد السياسي أن يفطن دومًا أنَّ المادة البشرية ليست في يده مطواعًا، وأنّه لا بدَّ من حدوث ملل، أو ارتداد إلى التقليد والعادة....

* حتى البطولة... قد يأتي وقت يأنفها الناس ويتحوّلون عنها... كالأولاد الذين يحطّمون أصنام لعبهم!

ــ 12 ــ

* يجب ألاّ تكون التسوية في أي حال على حساب المبدأ... ويجب ألاّ نعدل عنها، ولو قامت علينا، مؤقّتًا ولفترة قصيرة أو طويلة، نقمة واعتراض قلّة أو كثرة من الناس، لأنه يجب ألاّ ننسى أبدًا، وألاّ يسقط من حسابنا أن معظم المعارضين والناقمين هم من الشهود المتفرّجين، أي لا قيمة نضالية لهم في حساب المناضلين الحقيقيين.

 

ــ 13 ــ

* إنَّ الكفاءة لا تتوفّر هكذا، من تلقاء ذاتها، وكأنها وحي يُوحى، ولا تتنزَّل متكاملة ونامية في الإنسان... بل علينا أن ننمّيها وأن نستكمل معالمها، وأن نحوّلها من مجرّد مكنة... إلى فعل.

* الحَرْفية ــ في التفكير، في الشعور، في التصرّف ــ يجب أن تنيرها وتحرق قوالبها وإطاراتها روح المعنى، ونوازع التحقيق الفعلي، والعيش الإيجابي المباشر.

* إذا كان الفكر هو سطح هذا القلب ــ والقلب هنا هو صميم جوهر الإنسان ــ فإنَّ الشعور هو لبّه.

 

ــ 14 ــ

* إنَّ سياسة التنمية تولد شعورًا بالإنصاف.

* لا يستطيع لبنان أن يكون دولة تابعة لأحد، بل ينشد التعاون، في المساواة التامّة مع جميع فرقاء العقد العربي.

* يرفض لبنان كل الرفض سياسة التدخّل في شؤون الغير الداخلية، ولا يستطيع أن يقبل بها خوف أن يرتدَّ عليه هذا القبول بالتدخّل بأسوأ العواقب.

* كان لا بدَّ أن يتوجَّه اهتمام لبنان أكثر فأكثر إلى الناحية الحضارية أكثر من عنايته بالناحية السياسية... وعلى إخواننا من البلدان الشقيقة أن يدركوا ذلك.

* لبنان وُجِدَ لكي يكون بلد العقل، بلد العقلانية ــ أثينا هذه البقعة من الشرق؛ ولنترك لسوانا أن يتلهّى أو يجازف بلعب دور إسبارطة، فهو ليس دورنا في الواقع.

* إنَّ نفوسنا تعبت ــ عبر التاريخ ــ من تشخيص أدوار الأباطرة، أو من تقليد دون كيشوت.

 

ــ 15 ــ

* إنَّ الحياة الروحية القويّة والمشجّعة لن تكون وقفًا على بعض الفئات الاجتماعية؛ فالصوفية الإنسانية سوف تنتشر بين كلّ شرائح السكَّان.

* الإنسانية ستعي أكثر فأكثر وجودها كجسم، وكنوع بين الأنواع الأخرى... حركة توحيد وتجميع إنساني ترسم فيه، بشكل مبهم، ولكن حقيقي ودينامي، أوّل معالم الدولة العالمية المقبلة.

* الثقافة، بشمولها كلّ شعوب الأرض، تصبح أكثر إنسانية، ومن خلال الثقافة العالمية والاقتصاد العالمي والقوّة العالمية، فإننا نسير دون أدنى ريب نحو توحيد الكرة الأرضية.

 

ــ 16 ــ

غدًا سيمرّ هذا الجسد

فلا يبقى منه أيّ أثر

حتّى للبعث

حتّى للنشور،

كأشخاص الحلم

التي تختفي وتزول

في الفكر

الذي استيقظ

من أحلامه...

كمال جنبلاط

 

 

Home

Up one Level